13 أغسطس 2022

بأطراف ذكية..

مستشفى الشيخ حمد للتأهيل والأطراف الصناعية بغزة يجدد الأمل لضحايا الاعتداءات الإسرائيلية

  • QNA Images
  • QNA Images
  • QNA Images
  • QNA Images
  • QNA Images

غزة في 13 أغسطس /قنا/ بكلمات ممزوجة بالفرح والسعادة تحدث محمد سليمان أبو ماضي، وهو من سكان مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، عن تجربته في استخدام طرف صناعي الكتروني ذكي أعاد له الحياة وبعث في نفسه الأمل وساعده على التحكم في الإمساك بالأشياء حتى الدقيقة منها، والعودة إلى حياته الطبيعية والاندماج مع الناس دون خجل، بعد أن كان يغطي ذراعه المبتور منذ سنوات طويلة.

‎وبعث "مستشفى سمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني للتأهيل والأطراف الصناعية" في قطاع غزة، الممول من صندوق قطر للتنمية، الأمل بين أبناء القطاع الذين بترت أطرافهم خلال الحروب والاعتداءات الإسرائيلية، بعد أن قام قسم الأطراف الصناعية بتصنيع أطراف إلكترونية ذكية وتزويدها في إطار المرحلة الأولى لإحدى وعشرين حالة بتر في قطاع غزة، فيما سيتم خلال المرحلة الثانية المتوقعة في شهر سبتمبر القادم، تركيب 40 طرفا صناعيا ذكيا آخر للحالات الملحة والفئات المنتجة داخل المجتمع الفلسطيني.

ومنذ تشغيله في أبريل 2019، قدم مستشفى حمد بغزة خدماته لما يزيد عن 14 ألف شخص من المرضى وذوي الإعاقة عبر أقسامه الرئيسة الثلاثة: قسم الأطراف الصناعية وقسم السمع والتوازن وقسم التأهيل الطبي، فيما قام قسم الأطراف الصناعية بالمستشفى حتى شهر مايو الماضي بتركيب 263 طرفا سفليا و65 طرفا علويا و428 جهازا طرفيا و162 جهازا لتقويم العمود الفقري.

واستقبل قسم التأهيل الطبي ما يزيد عن 8 آلاف مستفيد في أقسام المبيت والعلاج النهاري والخارجي وقدم خدماته من خلال وحدات التأهيل المتنوعة والشاملة لطب التأهيل والعلاج الطبيعي والوظيفي، والتخاطب والبلع فيما قدم قسم السمع والتوازن خدماته الشاملة لما يزيد عن 6 آلاف مستفيد.

‎وتقوم فكرة الطرف الذكي على استخدام أقطاب الكترونية توضع على الجزء المبتور مباشرةً وتأخذ الامر من خلال الدماغ والأعصاب الحسية ومن ثم تحول هذا الأمر من خلال اليد الإلكترونية وتقنية "مايكروبروسس" إلى حركة كفتح اليد وإغلاقها ما يساعد المريض على التحكم في الإمساك بالأشياء بشكل طبيعي.

‎وفي حديثه لوكالة الأنباء القطرية "قنا"، يقول المواطن الفلسطيني محمد سليمان أبو ماضي، إنه تمكن أخيرا من استخدام يده اليمنى بعد أعوام طويلة من إصابته بإعاقة حركية بسبب بتر يده.

‎ويضيف أبو ماضي الذي فقد يده وهو بالخامسة من عمره، إن فقدان يده أثر سلبا على نفسيته، وجعله يشعر أن شيئا ما ينقصه عن أقرانه، خاصة عندما كان طفلا، إذ أنه كان يغطي يده بجورب حتى لا يكشف الجزء المبتور أمام الأشخاص من حوله.

‎وتابع "أما اليوم وبعد أن ركبت طرفا صناعيا ذكيا، فأنا اشعر بالسعادة، وقد عادت حياتي لطبيعتها، وها أنا أشرب بيدي وأذهب إلى السوق وأحمل أغراض التسوق بيدي، حتى الوردة الصغيرة استطيع أن أمسكها بيدي".

‎وتمكن أبو ماضي وعشرون فلسطينيا آخرون يعانون من البتر من تركيب يد صناعية إلكترونية يستخدمونها ويحركونها من خلال تحكم الدماغ التي ترسل إشارات حركية لكل من العضلات والأعصاب الموصولة بتلك الطرف الصناعية، ‎وما يميز الأطراف الذكية أنها وظيفية وتجميلية بنفس الوقت بحسب ما أخبرنا الدكتور أحمد العبسي رئيس قسم الأطراف الصناعية في مستشفى سمو الشيخ حمد.

ويقول الدكتور العبسي لـ"قنا" إن الأطراف الصناعية تعتمد على الأقطاب الحساسة الموجودة داخل اليد الإلكترونية حيث تأخذ الإشارة من الدماغ وتحولها إلى حركة فيتمكن المريض من فتح وإغلاق يده، بالإضافة إلى تناول كافة الأدوات التي يريدها.

‎وأشار العبسي إلى أن قسم الأطراف الصناعية يعمل على توفير دائرة علاجية متكاملة للأشخاص الذين يحتاجون إلى أطراف صناعية، تنقسم إلى ثلاث مراحل تشمل إعادة التأهيل النفسي والجسدي ومن ثم إنتاج الطرف وتثبيته ثم تدريب المريض على استخدامه، مشيرا إلى أن جميع هذه الفرق تعاملت مع الحالات التي تم تركيب طرف الكتروني لها وعملت على مساعدة المرضى جميعا من أجل تقبل فكرة الطرف الصناعي الالكتروني.

وقال "في البداية كانت هناك صعوبة في تقبل الطرف الصناعي الذكي ومخاوف من كيفية التعامل معه، أما اليوم فنستطيع أن نقول أن لدينا 21 قصة نجاح".

من جانبه، يقول الدكتور نور الدين صلاح ‎المدير العام لمستشفى سمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني للتأهيل والأطراف الصناعية في قطاع غزة، في تصريحات خاصة لوكالة الأنباء القطرية "قنا"، إن قسم الأطراف الصناعية في المستشفى مجهز بأحدث التقنيات والأجهزة وقد حصل على أفضل الأطراف من أكبر الشركات العالمية وهي شركة Ottobock الألمانية مشيرا إلى أن الشركة الألمانية تزودهم بمواد الأطراف الصناعية من أفضل الخامات فيما يتم تصنيع الطرف بالكامل بأيدٍ محلية ماهرة داخل ورشة تابعة لمشفى سمو الشيخ حمد في غزة.

‎وأضاف أن تركيب الأطراف الصناعية يحتاج إلى مراحل متعددة خاصة بالنسبة للأطفال الذين يمرون في مراحل نمو متعددة، وتابع "في المراحل السابقة كنا نركب الأطراف الصناعية التجميلية إضافة إلى أطراف صناعية للرياضيين بمفصل متحرك.. إلا أن السبق المهم والحدث الأول على صعيد منطقة الشرق الأوسط كان تركيب أطراف صناعية علوية الكترونية ذكية للشباب والفتيان الفلسطينيين ما يشكل سابقة لأن الأطراف العلوية فيها مهام وظيفية أعلى بكثير من الأطراف السفلية، كشرب الماء، ومسك الأقلام والأوراق وبالنسبة للطبيب مسك أدوات الجراحة".

‎وأوضح ‎المدير العام لمستشفى سمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني للتأهيل والأطراف الصناعية في قطاع غزة، أنه يتم تركيب الأطراف الذكية لاستعادة الأنماط الوظيفية للأطراف العلوية لأن تركيب الطرف يعني استعادة المريض لنمط حياته الاعتيادي ودمجه في الحياة الروتينية كما كان في الحالة التي كان عليها سابقا قبل أن يتعرض للبتر.

‎وأشار إلى أن المرحلة الأولى شملت تركيب 21 طرفا علويا ذكيا لشبان وأطفال من مبتوري الأطراف.. فيما سيتم تقديم نحو 40 طرفا صناعيا آخر في المرحلة الثانية المتوقعة في شهر سبتمبر القادم.

‎وعن آلية تصنيع الأطراف، نوه الدكتور نور الدين صلاح إلى أن الأطراف الصناعية بنوعيها سواء كانت تجميلية او ذكية الكترونية يتم تصنيعها داخل ورشة تابعة لمستشفى حمد بأيدٍ محلية ماهرة مدربة من خبرات دولية في مراحل سابقة.

‎وأشار إلى ان الأولوية في تركيب الأطراف الصناعية تكون عادة للفئات المنتجة داخل المجتمع الفلسطيني كالمعلمين والأطباء والفتيان والفتيات لان هذه الفئة تشكل شريحة منتجة وحساسة داخل المجتمع الفلسطيني.. "ويهمنا اعادة هذه الفئة المهمة من المجتمع إلى أنماط حياتهم الاعتيادية ودمجهم في المجتمع الفلسطيني".

‎ووجه شكره لصندوق قطر للتنمية، الممول الرئيسي للمستشفى، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن التكاليف المالية العالية للأطراف العلوية والسفلية تشكل معضلة وتحد كبير، ‎وقال إن تكلفة الطرف الصناعي الاعتيادي التجميلي قد تصل إلى سبعة آلاف دولار بينما تصل تكلفة الطرف الصناعي الالكتروني الذكي إلى أكثر من ستة عشر ألف دولار.

وأوضح أن بعض الحالات لديها إعاقات مركبة وتحتاج إلى أكثر من طرف صناعي، اخرها حالة الطفلة رهف سلمان التي تبلغ 11 عاما وفقدت ساقيها ويدها خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة، فهي بحاجة لعدة أطراف صناعية، وتدخل سريع لتأهيل الطفلة نفسيا ومساعدتها على تقبل الأطراف الصناعية وكيفية التعامل معها، لأن من يفقد جزءا من جسمه يتعرض إلى صدمة ويكون بحاجة ماسة إلى تدخل اخصائي نفسي.

وفي سياق متصل، تحدث عمر الشوا، أخصائي الأطراف الصناعية والأجهزة بمستشفى سمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني للتأهيل والأطراف الصناعية في قطاع غزة، عن مراحل تجهيز الطرف الصناعي، وقال إنه يتم عرض المريض على طبيب العظام أولا لفحصه والحصول على الموافقة الأولية للبدء بتجهيز الطرف وتركيبه.

‎وأضاف الشوا، في تصريحات خاصة لـ"قنا" "لتركيب الطرف الصناعي، نأخذ المقاسات عن طريق الجبس لعمل القالب المناسب للمريض، ومن ثم يتم اجراء تعديلات وتجهيز القالب التجريبي وتدريب المريض على ارتدائه والتعامل معه"، موضحا أن المريض يتعامل مع القالب التجريبي لفترة محددة قبل ان يتم تجهيز الطرف النهائي له.

‎وفي حالة الأطراف الذكية يقول الشوا إنهم يدرسون حالة المريض أولا لتحديد المكان الأفضل والعضلة المناسبة لوضع الأقطاب الحساسة، ويتم تركيب الطرف الالكتروني وتجريبه في جلسة نهائية ومن ثم تدريب المريض على التعامل معه.

‎وبحسب بيانات وزارة الصحة في غزة، فإن 122 فلسطينيا بترت أطرافهم السفلية بسبب استهدافهم من جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال مسيرات العودة التي كانت تخرج على طول حدود قطاع غزة منذ شهر مارس من عام 2018، إلى جانب 14 آخرين بترت أطرافهم العلوية.


الكلمات المفتاحية

عام, عربية, فلسطين

النشرة الإخبارية
X
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. تعرف على المزيد حول كيفية استخدامها ، أو قم بتحرير خيارات ملفات تعريف الارتباط الخاصة بك
موافق