الدوحة في 29 نوفمبر /قنا/ تحيي الأمم المتحدة اليوم فعالية "يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني"، الذي يوافق التاسع والعشرين من نوفمبر، تزامنا مع اليوم الذي اتخذت فيه الجمعية العامة قرار رقم 181 بتقسيم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية عام 1947.
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد دعت عام 1977، لإقرار الاحتفال بهذا اليوم بموجب القرار (32/40 ب) ثم أقرت في العام 2015 رفع العلم الفلسطيني أمام مقرات ومكاتب الأمم المتحدة حول العالم، عقب ثلاث سنوات من انضمام فلسطين إلى الأمم المتحدة بصفة "دولة مراقبة غير عضو".
ورغم أن الكثير من الحقوقيين يلقون باللوم على تعامل الأمم المتحدة والقانون الدولي الذي يصفونه بالمزدوج مع القضية الفلسطينية، بحكم المسؤولية القانونية والأخلاقية المنوطة بهذه المنظومة الدولية، إلا أن جهود المحور الفلسطيني العربي من جهة ضد النفوذ الإسرائيلي، نجحت منذ العام 2000 بتحقيق انتصارات عديدة لفلسطين عبر منظومة القانون الدولي، كحكم محكمة العدل الدولية ضد جدار الفصل الإسرائيلي، وترقية وضع فلسطين في الأمم المتحدة إلى دولة مراقب غير عضو، الأمر الذي مكنها من الانضمام إلى مئات الاتفاقيات، وعلى رأسها الانضمام للمحكمة الجنائية الدولية، والتي أدت ولا تزال إلى حدوث أزمة كبرى بالنسبة للعديد من دول الغرب، والتي لا ترغب برؤية فلسطين تقاضي مسؤولين إسرائيليين في المحكمة.
فضلا عن ذلك، نالت قضية فلسطين العدالة على مستويات قضائية إقليمية ومحلية، كقرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان برفض تجريم حركة مقاطعة إسرائيل "بي دي إس" (BDS)، وقرار المحكمة عينها بخصوص تجريم بيع بضائع المستوطنات الإسرائيلية، وغيرهما. إذ يمثل التركيز على قضايا المساءلة والتدابير العقابية التي يسمح بها القانون الدولي، كالتدابير الدبلوماسية والتجارية إلى العقوبات الأكثر شمولا، عامل ضغط مؤثر في السنوات الأخيرة خصوصا.
بجانب ذلك يرى الخبراء أن الاعتماد على القانون الدولي لوحده ليس كافيا لمحاسبة الكيان الإسرائيلي في ضوء الرعاية الأمريكية لها في معظم المحافل السياسية والاقتصادية، ناهيك عن المساعدات السنوية، بل يجب على المجتمع المدني العالمي أن يواصل تسليط الضوء على محنة فلسطين بهدف تهيئة الظروف للتغيير السياسي الهادف، وبما يتماشى مع القانون والعدالة الدوليين.
وتمتد المطالبات إلى فضح الممارسات الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية من القتل والاستيلاء على الأراضي وتهويد القدس ومحاصرة الفلسطينيين ومصادرة أراضيهم ومواردهم المائية، وصولا إلى فضح الممارسات التطبيعية لبعض الدول مع إسرائيل، وبيان مخاطرها وضرورة حماية الفلسطينيين الذين يتعرضون للقمع والاستهداف الممنهج.
وتكشف الأرقام منذ 2021 وخصوصا في الأشهر الأخيرة تزايدا كبيرا للانتهاكات الإسرائيلية والاعتداءات على الفلسطينيين، سواء داخل مناطق الـ48 أو في الضفة الغربية وقطاع غزة، بدءا من انتهاكات المستوطنين بحماية الجيش للمسجد الأقصى، والمداهمات والاعتقالات والاستيلاء عنوة على منازل بعض الفلسطينيين في المناطق القريبة من القدس وحي الشيخ جراح وما حوله، مرورا بالاعتقالات والاغتيالات في مناطق الضفة الغربية بذريعة ملاحقة مرتكبي الهجمات، وليس نهاية بالغارات والقصف على قطاع غزة وحصار أهلها وغلق المعابر.
وتصاعدت حدة الهجمات الشرسة لجيش الاحتلال مع تصنيف 6 منظمات فلسطينية مدنية مستقلة العام الماضي من بينها مؤسستا الحق والضمير الفلسطينيتين، على أنها "منظمات إرهابية" في التاسع عشر من أكتوبر لعام 2021، وهذا ما شكل انتهاكا صارخا لحقوق الشعب الفلسطيني، وسعيا لنزع الشرعية عن هذه المنظمات المدنية الحقوقية وإسكات صوتهم، وصلت حد التهديدات بالقتل وإلغاء إقامات الفلسطينيين في القدس، من خلال تطبيقها غير المشروع لما يسمى بقانون "خرق الولاء".
لا شك أن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ليس بالجديد، ويحتاج نفسا طويلا واستخداما أمثل للموارد والجهود وحملات التضامن الدولية مع حقوق الشعب الفلسطيني وحقه في المقاومة بشتى أنواعها، وهذا يقود بالتأكيد إلى اتخاذ عدة خطوات لوقف الانتهاكات بحقهم، ومنها التعريض بالدول الداعمة للانتهاكات الإسرائيلية وسياسة الدعم اللامحدود وإعطاء الذرائع لحكومات الاحتلال بفعل ما تشاء دون رقيب ولا حسيب، والضغط على الدول الغربية لوقف التمويل العسكري بالأسلحة الفتاكة، وحظر جميع أشكال التكنولوجيات الإسرائيلية في مجال المراقبة السيبرانية.
يذكر أن قرار رقم 181 (د-2) صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 29 نوفمبر من العام 1947، تضمن إقامة دولة يهودية على مساحة 54 بالمئة من مجموع مساحة فلسطين البالغة (27027 كم2)، ودولة عربية على مساحة تقدر 44 بالمئة، فيما وضعت مدينتا القدس وبيت لحم تحت الوصاية الدولية لأسباب دينية.
وفي العام 2012، تقدمت القيادة الفلسطينية بطلب الى الجمعية العامة التابعة للأمم المتحدة، للحصول على دولة بصفة مراقب، وقد نال طلب فلسطين أغلبية الأصوات بواقع 138 دولة أيدت القرار، وتسع دول عارضته، فيما امتنعت 41 دولة عن التصويت، وقد أصبحت فلسطين نتيجة لذلك دولة تحت الاحتلال وليست كيانا أو سلطة، بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 67/19.
ورغم مرور 10 سنوات من ذلك الاعتراف، لم يتغير شيء على أرض الواقع، فجرائم الاحتلال ضد الفلسطينيين تضاعفت كما تزايد البناء الاستيطاني، وارتفعت عمليات التهجير وهدم البيوت والمنشآت الفلسطينية خاصة في مدينة القدس المحتلة، إضافة الى القتل الممنهج الذي يمارسه جيش الاحتلال ومستوطنوه.
وفي إطار دور دولة قطر الداعم للقضية الفلسطينية، دأبت قطر على تأكيد موقفها الثابت من دعم الشعب الفلسطيني لاسترداد كافة حقوقه المشروعة، ويقيم دولته المستقلة كاملة السيادة على أساس حدود 1967 وعاصمتها القدس الشريف، وتحرص على تقديم المساعدات الإنسانية والتنموية لتحسين الأوضاع المعيشية الصعبة التي يواجهها الفلسطينيون، وهو ما جعلها تقف في طليعة الدول الداعمة لصمود الشعب الفلسطيني.
وخلال بيان ألقته السيدة جوهرة السويدي القائم بالأعمال بالإنابة بالوفد الدائم لدولة قطر بجنيف، أمام مجلس حقوق الإنسان في دورته الخمسين، المنعقد في 13 يونيو الماضي، خلال الحوار التفاعلي مع لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية وإسرائيل، شددت قطر على أن عدم تنفيذ التوصيات الرئيسية المتعلقة بالأسباب الأساسية للتوترات وعدم الاستقرار وإطالة النزاع، هو السبب الرئيسي في تكرار الانتهاكات بصورة ممنهجة في فلسطين، وتشجيع الاحتلال الإسرائيلي على الإمعان في ارتكاب المزيد من الانتهاكات الواسعة والجسيمة للمواثيق والقوانين والقرارات الدولية.
ودعت دولة قطر، المجتمع الدولي إلى ضرورة وقف التعامل بالمعايير المزدوجة، واتخاذ جميع الإجراءات اللازمة، من أجل إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة ورفع الحصار المفروض على قطاع غزة، ووقف الاعتداءات والعدوان على الشعب الفلسطيني، وإنهاء السياسات والممارسات الإسرائيلية الاستيطانية والعنصرية، ووقف التشريد القسري وهدم المنازل وجميع المحاولات الرامية لتغيير هوية مدينة القدس الشريف ووضعها التاريخي والقانوني، وضمان المساءلة لجميع المسؤولين الإسرائيليين عن الانتهاكات التي ترتكب ضد أبناء الشعب الفلسطيني.
ولطالما قدمت قطر دعما إنسانيا سخيا للقطاع المحاصر منذ 2006، في النواحي الطبية والإغاثية وإعادة الإعمار وتوزيع المنح المالية، لعشرات الآلاف من العائلات الفلسطينية المتعففة، ناهيك عن إنشاء مدينة حمد بالقرب من خان يونس، ومستشفى حمد في رفح، وشارع عمر المختار، إضافة إلى مساعدات في كل المجالات الحياتية.
عدا ذلك فإن دولة قطر تعد الأولى عربيا في تقديم الدعم للموارد الأساسية لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" للسنتين 2019 - 2020، وظلت في طليعة الدول الفاعلة لتعزيز قدرة الوكالة على مواصلة أداء دورها وتعزيز قدرتها، لتنفيذ أنشطتها على نحو أكثر فاعلية، وذلك انسجاما مع ثوابتها والتزامها الثابت في دعم الشعب الفلسطيني الشقيق.
29 نوفمبر 2022
يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني.. حق يأبى النسيان
الكلمات المفتاحية
عام, ابحاث ودراسات, فلسطين , الأمم المتحدة
النشرة الإخبارية