01 ديسمبر 2022

على الرغم من الفيضانات المدمرة.. العطش والجفاف يهددان ملايين البشر

  • QNA Images

الدوحة في 01 ديسمبر/قنا/ بينما تتعرض مناطق عديدة من الكرة الأرضية للأمطار الغزيرة والفيضانات المدمرة، تشهد مناطق أخرى من الكوكب موجات قاسية من الجفاف وارتفاع درجات الحرارة، في دليل ملموس على التداعيات الشرسة للتغير المناخي الذي يجتاح الكوكب، ويؤثر على كل مظاهر وأوجه الحياة فيه.

ويقول العلماء إن أسباب الجفاف الرئيسية هي: التغيرات المناخية التي أدت لارتفاع درجات حرارة الأرض بنسبة درجة واحدة، إضافة إلى تراجع التساقطات الثلجية خلال فصل الشتاء، ما أدى لتراجع حجم المياه التي تندفع عادة من الجبال، بالإضافة إلى ارتفاع منسوب استهلاك النباتات للماء، لأنها تعاني من الجفاف وتراجع خصوبة الأرض.

وقد دقت الأمم المتحدة جرس الإنذار من جديد، محذرة من أن جميع مناطق العالم شهدت خلال العام الماضي ظواهر مناخية قصوى مرتبطة بالمياه، وقدمت صورة قاتمة لإمدادات المياه على الأرض، مشيرة إلى أن مليارات الأشخاص يعانون من شح في هذا المورد الثمين.

وذكرت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، في تقريرها الأول عن موارد المياه العالمية، أن 3.6 مليار شخص لا يحصلون على المياه بشكل كاف لمدة شهر واحد على الأقل في السنة، وتوقعت ارتفاع هذا العدد إلى أكثر من خمسة مليارات بحلول عام 2050. 

وأوضح تقرير المنظمة أن ذوبان الأنهار الجليدية في جميع أنحاء العالم قد زاد في عام 2021، وقال إن المناطق التي كانت جافة بشكل غير عادي خلال العام 2021 تشمل منطقة "ريو دي لا بلاتا"في أمريكا الجنوبية، حيث أثر الجفاف المستمر على المنطقة منذ عام 2019، أما في القارة الإفريقية فقد كان تدفق المياه في الأنهار الرئيسية مثل النيجر وفولتا والنيل والكونغو أقل من المتوسط، ولوحظ نفس الاتجاه بالنسبة للأنهار في أجزاء من روسيا وغرب سيبيريا وآسيا الوسطى، بينما كانت أحجام الأنهار أعلى من المعتاد في بعض أحواض أمريكا الشمالية وشمال الأمازون وجنوب إفريقيا، وكذلك في حوض نهر أمور بالصين وشمال الهند.

وقال البروفيسور بيتيري تالاس الأمين العام للمنظمة، إن الأسرة الدولية غالبا ما تستشعر آثار تغير المناخ من خلال المياه، وموجات الجفاف الأكثر كثافة وتكرارا، والفيضانات الشديدة، والأمطار الموسمية غير المنتظمة، وذوبان الأنهار الجليدية المتسارع، مع آثار متتالية على الاقتصادات، والنظم البيئية وجميع جوانب الحياة اليومية، ومع ذلك، لا يوجد فهم كاف للتغيرات في توزيع وكمية ونوعية موارد المياه العذبة.

وأضاف أن تقرير حالة الموارد المائية العالمية يهدف إلى سد هذه الفجوة المعرفية، وذلك للمساعدة في توفير استثمارات التكيف مع المناخ والتخفيف من آثاره وكذلك في حملة الأمم المتحدة، لتوفير الوصول الشامل في السنوات الخمس المقبلة إلى الإنذارات المبكرة للأخطار مثل الفيضانات والجفاف.

وقد حث مؤتمر الأمم المتحدة الأخير المعني بتغير المناخ، في دورته السابعة والعشرين "COP27"، التي عقدت بمدينة شرم الشيخ المصرية، الحكومات على زيادة دمج المياه في جهود التكيف، وهي المرة الأولى التي يشار فيها إلى المياه في وثيقة ختامية لمؤتمر الأطراف، إدراكا لأهميتها البالغة.
     
وترى الأمم المتحدة أن هناك حاجة ماسة للاستثمار في التكيف والقدرة على الصمود، ويشمل ذلك المعلومات التي تتيح التنبؤ بالعواصف وموجات الحر والفيضانات وظواهر الجفاف، علما بأن ثلث سكان العالم تقريبا، وخاصة في أقل البلدان نموا والدول الجزرية الصغيرة النامية، يفتقرون لتغطية نظم الإنذار المبكر، التي تتطلب استثمارات بقيمة مليار ونصف المليار دولار أمريكي في غضون السنوات الخمس القادمة.

وترى دراسات بيئية دولية أن الإنسانية تقف عند مفترق طرق، عندما يتعلق الأمر بإدارة الجفاف وتشدد على ضرورة الإسراع في التخفيف من آثاره بشكل عاجل، باستخدام كل الوسائل المتاحة، وتدعو إلى جعل الالتزام العالمي الكامل بالتأهب للجفاف والقدرة على الصمود في جميع مناطق العالم أولوية قصوى.

ووفق إحصاءات دولية فإن أكثر من 780 مليون شخص، أي حوالي 11 بالمئة من سكان العالم، لا يحصلون على مياه نظيفة وآمنة، أما الأمر الأكثر إثارة للقلق فهو التقديرات القائلة إن حوالي نصف أسرة المستشفيات في العالم مليئة بأشخاص يعانون من أمراض مرتبطة بالمياه.

وفي مؤشر على تداعيات المناخ الخطيرة واتساعها الجغرافي واجهت القارة الأوروبية هذا العام، حالة من الجفاف غير المسبوق هو الأسوأ منذ 500 سنة، وفق مراكز الأبحاث الأوروبية.

فقد ظلت كلمة "الجفاف" مصطلحا غريبا على الأوروبيين إلى غاية شهر أغسطس الماضي، حيث تحولت القارة العجوز إلى كرة من اللهب تسجل درجات حرارة قياسية أدت لتراجع منسوب المياه في الأنهار الكبرى في القارة، وتحويل المساحات الخضراء فيها إلى أراض جرداء. 

وقد ارتفع عدد موجات الجفاف ومدتها منذ عام 2000، بنسبة 29 بالمائة، ويتأثر ما يقدر بنحو 55 مليون شخص على مستوى العالم بشكل مباشر بالجفاف كل عام، ويتعرض رفاه مئات الملايين من البشر للخطر، وبحلول عام 2050، قد يؤثر الجفاف على أكثر من ثلاثة أرباع سكان العالم، وسيعيش المزيد والمزيد من البشر في مناطق تعاني من نقص حاد في المياه، بما في ذلك واحد من كل أربعة أطفال بحلول عام 2040، وفي الفترة الواقعة بين عامي 1900و2019، أثر الجفاف على 2.7 مليار شخص في العالم، وقد يحل منتصف القرن الحالي ليجد ثلاثة أرباع سكان الكوكب أنفسهم وهم يعيشون تحت رحمة الجفاف، ويعزى هذا الوضع إلى حد كبير إلى التغيرات المناخية.

وحسب الدراسات المناخية فإن تواتر الكوارث المتعلقة بالمياه آخذ في الارتفاع، بسبب زيادة شدة التغيرات والأحداث الطبيعية المناخية مثل، العواصف والرياح العاتية والأمطار الغزيرة ونوبات الجفاف، وتؤكد الدراسات أن حالات الجفاف مكلفة جدا ومضرة وآثارها واسعة الانتشار، وتؤثر على كل من الدول المتقدمة والنامية، عبر جميع القارات المأهولة. 

وتقول إن موجات الجفاف التي تدمر المحاصيل الزراعية وتنحسر فيها الأنهار وتحترق الغابات، تنذر بموجات جفاف أكثر تواترا وشدة في العقود المقبلة، وبحلول عام 2050، قد تكلف الاضطرابات المناخية، بما في ذلك الجفاف والعواصف العاتية والأمطار الغزيرة، الاقتصاد العالمي نحو 5.6 تريليون دولار.

وترى أنه على الرغم من أن المياه يمكن أن تكون مصدرا للنزاعات، إلا أن من الممكن أن تكون أيضا موضوعا للتعاون عبر العمل الدولي المشترك، لتطبيق إشراف أفضل على جميع مصادر المياه والتحكم في استهلاكها.


الكلمات المفتاحية

عام, ابحاث ودراسات

النشرة الإخبارية
X
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. تعرف على المزيد حول كيفية استخدامها ، أو قم بتحرير خيارات ملفات تعريف الارتباط الخاصة بك
موافق