الدوحة في 25 يونيو /قنا/ تحتفل دولة قطر مع بقية دول العالم يوم غد الإثنين باليوم العالمي لمكافحة المخدرات، وذلك في الـ26 من يونيو من كل عام، لتعزيز العمل والتعاون بين جميع المؤسسات الدولية والوطنية في تحقيق هدف عالم خال من تعاطي المخدرات ومحاربة تهريبها بكل الوسائل.
وتعتبر مشكلة المخدرات العالمية، قضية معقدة تؤثر على الملايين من الناس في جميع أنحاء العالم، وتؤثر مخاطرها على صحة وسلامة البشرية جمعاء، حيث تتصاعد انعكاساتها السلبية على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والسياسي للدول وسيادة القانون وعلى التنمية المستدامة، في ظل أرقام تشير إلى أن حجم تجارة المخدرات عالميا يبلغ نحو 500 مليار دولار، وهو ما يقارب تجارة السلاح العالمية إذ تصل لنحو 531 مليار دولار، وفق تقرير للمعهد الدولي لبحوث السلام في ستوكهولم عاصمة السويد.
ويعتبر الوعي بمخاطر المخدرات أساسا للتصدي لها، حيث يمكن للأفراد والمجتمعات أن يتعرفوا على التأثيرات السلبية التي تترتب على استخدامها، وكيفية التعامل معها والوقاية منها. والوعي الشامل للمخاطر المترتبة على المخدرات يعتبر أداة قوية للحد من انتشارها والحفاظ على سلامة وسلامة المجتمعات.
وفي إحصائيات التقرير السنوي لعام 2022 بشأن المخدرات الصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإن عدد المتعاطين للمخدرات بلغ نحو 284 مليون شخص حول العالم، تتراوح أعمارهم بين 15 و64 سنة، أي حوالي 5.6 بالمئة من سكان المعمورة، ما يمثل زيادة قدرها 26 بالمئة عن عام 2010.
وتشكل قضية التصدي لمشكلة المخدرات العالمية مسؤولية عامة ومشتركة، تستدعي تظافر الجهود السياسية والأمنية والاجتماعية بنسق مشترك للتحذير من تفشيها وتسربها إلى الفئات الضعيفة خاصة في أوساط الأطفال والشباب والأوساط التعليمية، إذ أن التراخي في مواجهتها في هذه المجالات يصعب من إمكانية التعامل معها لاحقا، وعليه ينبغي تكثيف جهود تعزيز الوقاية من التحايل بطرق تداولها وتهريبها، بهدف الوصول إلى مجتمعات خالية من تعاطي المخدرات.
وتكمن نجاح طرق الوقاية من هذه الآفة الخطيرة وحماية المجتمع بعدة طرق لا تخلو من إنفاذ القوانين الرادعة والتزام الضوابط الأمنية والأساليب الحديثة والأجهزة المتطورة بجانب الاهتمام بضحايا المخدرات وعلاجهم وتأهيلهم وإشراك القطاعات الصحية والاجتماعية والاقتصادية والقضائية في صياغة وتنفيذ المبادرات الوقائية.
وتعد دولة قطر من الدول السباقة في تعزيز التعاون والتنسيق الدوليين في مجال مكافحة المخدرات من خلال تصديقها على أحكام ومبادئ كافة الاتفاقيات الإقليمية والدولية المتعلقة بمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية الخطرة، إلى جانب حضورها الفاعل ومشاركتها المتميزة في المؤتمرات والاجتماعات ذات الصلة.
وعبر الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بوزارة الداخلية، تقوم الدولة ببناء علاقات جيدة مع الأجهزة النظيرة في الدول المختلفة، وكذا المنظمات والهيئات المرتبطة بعمل مكافحة المخدرات على المستويين الإقليمي والدولي، مما ساهم في تحقيق النجاحات والإنجازات الميدانية المتمثلة في إحباط العديد من عمليات التهريب التي تستهدف الدولة وضبط المهربين.
وكانت دولة قطر، قد أطلقت حملة وطنية للتربية الوقائية شملت المدارس والمعاهد والكليات والجامعات والمراكز الشبابية والأندية الرياضية وغيرها بهدف مشاركة الشباب في توعية أقرانهم عن مخاطر المخدرات، كما اعتمدت برنامج "سفراء الوقاية" بهدف بناء مجموعة من التحالفات المجتمعية مع عدد من القطاعات العاملة في الدولة لتحصين المجتمع من المخدرات، مؤكدا أن هذه السياسة أثمرت في جعل دولة قطر واحدة من أنظف بلدان العالم من وباء المخدرات، فضلا عن مساهمتها في الجهود الإقليمية والدولية لمكافحة المخدرات، ودعمها السخي للبرامج الإقليمية والدولية.
كما تمول دولة قطر "البرنامج العالمي لتنفيذ إعلان الدوحة"، الذي يعد أكبر برنامج تموله دولة واحدة في تاريخ مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، حيث يتضمن أنشطة عديدة ترمي الى تحصين المجتمعات، والشباب على وجه الخصوص، من المخدرات والجريمة، حيث قدم أنشطة وخدمات لما يزيد على ثلاثين ألفا من المختصين في أكثر من 190 بلدا، بالإضافة إلى مساعدة تقنية مباشرة إلى 34 بلدا لبناء القدرات لأكثر من (15) ألف شخص، وبرامج تعليمية استفاد منها (120) ألف تلميذ و(1700) معلم في أنحاء العالم.
وتسعى الإدارة العامة لمكافحة المخدرات عبر برامجها وخططها التشغيلية لتعزيز الوعي الأمني لدى المواطن والمقيم، وذلك من خلال إيجاد مرجعية موحدة ومتكاملة تمكنهم من التعامل مع هذه المشكلة والتصدي لها مبكرا، مما يدعم جهود الوقاية والمكافحة، ويساهم في إنجاز الأهداف المنشودة التي تسعى الإدارة إلى تحقيقها في رفع مستوى الوعي العام بقضية المخدرات لدى الفرد والأسرة والمجتمع وتعزيز القيم الإسلامية والمعايير الأخلاقية والمهارات الحياتية.
وفي تصريح لوكالة الأنباء القطرية "قنا" بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة المخدرات، أوضح العميد عيسى سعيد زايد الكواري مدير مركز المعلومات الجنائية لمكافحة المخدرات لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، أن المركز أسهم في إيجاد شبكة دولية موحدة لمكافحة المخدرات على مستوى العالم.
وأكد العميد الكواري أن المركز كان سباقا في تعزيز العمل الأمني لمكافحة المخدرات، فقد عمل كذلك على الوقاية من تعاطي المواد المخدرة من خلال استراتيجيات خفض الطلب، خاصة أنه يأتي وشعار اليوم العالمي للمخدرات هذا العام "الناس أولا: وقف وصمة العار والتمييز، وتعزيز الوقاية" والعمل على تحقيق رؤية أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس من خلال توجيهات أصحاب السمو والمعالي وزراء الداخلية للقضاء على آفة المخدرات.
وأضاف الكواري أن المخدرات، تعد واحدة من أخطر الآفات التي يعاني منها العالم أجمع في وقتنا الحاضر، وتشكل مشكلة سياسية واجتماعية تواجه المجتمعات البشرية النامية والمتطورة على حد سواء، فهي تؤدي إلى تفكك النسيج الاجتماعي وتزعزع نمط الاقتصاد الوطني، وبالتالي تكدر صفو الأمن والنظام القومي.
وأكد على أنه نظرا لكون مشكلة المخدرات عابرة للحدود، فإن المركز يعمل على مد جسور التعاون مع كل السلطات القانونية الوطنية والمراكز الإقليمية والمنظمات والهيئات الدولية النظيرة في مكافحة الاتجار غير المشروع بالمواد المخدرة والمؤثرات العقلية، بجانب الرقابة على السلائف الكيميائية (المواد التي تدخل في صناعة المخدرات)، مشيرا إلى أن المركز يعمل على تنسيق ما تبذله الدول الأعضاء من جهود في مجال مكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية، بجانب القيام بعمليات وتحريات مشتركة، والتنسيق مع الجهات المختصة، في جمع المعلومات عن الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية والسلائف الكيميائية، ويسعى إلى تعزيز جهود أجهزة المكافحة بدول المجلس من خلال تبادل المعلومات بينها من خلال ضباط الاتصال المتواجدين في المركز الذين يمثلون أجهزة مكافحة المخدرات بدول المجلس، وهم ممن يتميزون بالكفاءة العالية والخبرة الميدانية المتعددة، الأمر الذي ساعد ذلك في إحباط العديد من عمليات التهريب والقبض على مهربي المخدرات في مختلف دول المجلس، بالإضافة الى سعيه لتعزيز التعاون المعلوماتي وتطويره بين أجهزة المكافحة بدول المجلس والتنسيق بينها.