21 سبتمبر 2023

اليوم الدولي للسلام.. العمل من أجل السلام: طموحنا لتحقيق الأهداف العالمية

  • الأمم
  • 2

الدوحة في 21 سبتمبر /قنا/ وسط عالم تتنازعه الخلافات السياسية والحروب المسلحة، تحتفل المؤسسات الدولية باليوم الدولي للسلام في الحادي والعشرين من سبتمبر، في مناسبة سنوية انطلقت للمرة الأولى عام 1981، عندما أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة عن تنظيمه ليكون يوما يعزز قيم السلام وأهمية اللاعنف ووقف إطلاق النار والأعمال العدائية، وشعاره هذا العام" العمل من أجل السلام: طموحنا لتحقيق الأهداف العالمية".

وقد شهد العام 2022 أكثر من 238 ألف حالة وفاة جراء الصراعات، وهو أعلى رقم منذ الإبادة الجماعية في رواندا عام 1994، فيما بلغت تكاليف هذه الصراعات 17.5 تريليون دولار، أي ما يعادل 13 بالمئة من الناتج الإجمالي العالمي، بحسب أحدث تقرير عن معهد الاقتصاد والسلام في مؤشر السلام العالمي، صدر في لندن في 28 يونيو2023، حيث صنف المؤشر مستوى السلام العالمي في 163 دولة على أساس 23 مؤشرا نوعيا وكميا، اعتمادا على قائمة تمتد من أكثر الدول إلى أقلها سلاما، ووفقا لنتائج المؤشر فقد أصبح العالم أقل سلاما للعام التاسع على التوالي.

ويضرب التقرير مثالا صادما عما آل اليه الصراع بمنطقة تيغراي في إثيوبيا، إذ اعتلى القائمة بأكثر من 100 ألف شخص قتلوا في النزاع هناك على مدار عام 2022، بجانب وفاة ما لا يقل عن ضعف هذا العدد، نتيجة المرض والمجاعة الناجمة عن القتال بين القوات الحكومية الإثيوبية والإريترية وبين مسلحي "جبهة تحرير شعب تيغراي"، فيما جاءت الحرب الروسية في أوكرانيا في المرتبة الثانية مع مقتل ما لا يقل عن 82 ألف شخص.

ومن بين المؤشرات التي تؤخذ في الاعتبار في مؤشر السلام العالمي الوفيات الناجمة عن الصراعات الداخلية والخارجية، ومعدل القتل ودرجة العسكرة وصادرات الأسلحة والإرهاب وعدم الاستقرار السياسي وعدد السجناء.

ويتزامن احتفال العام 2023 مع مؤتمر قمة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة التي عقدت يومي الـ18 و19 من سبتمبر الحالي والتي هدفت إلى تقريب أواصر الدول والشعوب المختلفة لإرساء مجتمعات أكثر سلاما وعدلا وشمولا، لا خوف فيها ولا عنف، مع التركيز على مساهمة نحو 1.2 مليار شاب على قيد الحياة، بوصفهم عناصر إيجابية وبناءة يعول على دورها في تثبيت أركان السلام الرئيسية وهي محاربة عدم المساواة، ودفع العمل بشأن تغير المناخ، وتعزيز وحماية حقوق الإنسان، نحو مستقبل أكثر اخضرارا وإنصافا وعدلا وأمانا للجميع.

ومنذ نشأة الأمم المتحدة، ظلت أهداف نزع السلاح المتعدد الأطراف والحد من الأسلحة في صميم جهودها للحفاظ على السلم والأمن الدوليين، وأعطت الأمم المتحدة أولوية قصوى لتقليص الأسلحة النووية، وتدمير الأسلحة الكيميائية، وتعزيز حظر الأسلحة البيولوجية - وكلها تشكل أشد التهديدات خطورة على البشرية.

ورغم أن الأسلحة النووية لم تستخدم إلا مرتين في الحرب، تفيد التقارير بأنه لا يزال هناك حوالي 13080 في عالمنا اليوم، وقد أبرمت عدة معاهدات متعددة الأطراف منذ ذلك الحين لمنع الانتشار والاختبار النوويين ومنها معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT)، ومعاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية (CTBT)، ومعاهدة حظر الأسلحة النووية (TPNW)، مع تعزيز التقدم في نزع السلاح النووي، بيد أن الالتزام ببنود المعاهدات يشوبه القصور في ظل إجراء أكثر من 2000 تجربة نووية حتى الآن.

وعلى الصعيد ذاته، سعى العالم للقضاء على أسلحة الدمار الشامل من خلال إبرام اتفاقية الأسلحة البيولوجية في عام 1972، التي تحظر تطوير وإنتاج وحيازة ونقل وتخزين واستخدام الأسلحة البيولوجية والسامة، بعد أن تسببت بما يقرب من 100000 حالة وفاة منذ الحرب العالمية الأولى.

كما تسببت الأسلحة الكيميائية في أكثر من مليون ضحية على مستوى العالم، ودفع ذلك المنظمات الدولية المعنية لتعزيز جهود القضاء على أسلحة الدمار الشامل مع إبرام اتفاقية الأسلحة الكيميائية في عام 1993، من خلال حظر تطوير وإنتاج وتخزين ونقل واستخدام الأسلحة الكيميائية.

وعن الأسلحة التقليدية، تعد الاتفاقية المتعلقة بأسلحة تقليدية معينة (CCW) عنوانا رئيسيا في القانون الإنساني الدولي، وتسعى من خلال بروتوكولاتها الخمسة إلى حظر أو تقييد استخدام الشظايا التي لا يمكن اكتشافها والألغام والأفخاخ المتفجرة والأسلحة الحارقة وأسلحة الليزر المسببة للعمى والمتفجرات، وكان اعتماد معاهدة تجارة الأسلحة (ATT) في أبريل 2013 من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة بمثابة نقطة تحول في جهود المجتمع الدولي لتنظيم التجارة العالمية في الأسلحة التقليدية وتعزيز السلام والأمن.

وفي ذات السياق، تتصدى اتفاقية الألغام الأرضية المضادة للأفراد، المعتمدة في 1997، لهذه الآفة القاتلة، إذ يحظر تخزين الألغام الأرضية المضادة للأفراد ونقلها واستخدامها، ويطلب من الدول إزالتها من أراضيها، بينما يطلب من الدول القادرة على مساعدة البلدان المتضررة ودعمها للقيام بذلك، وساهم انضمام أكثر من 160 دولة إلى هذه المعاهدة بخفض عدد الضحايا بشكل ملحوظ، ويكفي أن نعرف خطر الألغام من حجم الأرقام التي تشير إلى تسبب الألغام والمتفجرات بأكثر من 8600 ضحية في عام 2017 أي ضعف ما كان عليه في عام 2014.

إن ثقافة السلام هي ثقافة الحوار والوقاية، ولا تتعلق بالمعارك والحروب العابرة للحدود، بل تتطلب تعايشا داخل الدول خصوصا في البلدان متعددة الأديان والأعراق ناهيك عن التصالح مع دول الجوار، ومن هنا فإن مفردة السلام تعني التحرر من الاضطرابات النفسية والاجتماعية ونبذ التسلط القومي والإثني والتنمر الاجتماعي والقبائلي الذي قد يثير شرارة حروب ونزاعات طاحنة، ربما تستمر تداعياتها لعقود وتتوارثها أجيال.

ويأتي في صلب تعزيز ثقافة السلام الدولي، الاعتماد على الدبلوماسية الوقائية عبر المبعوثين والممثلين الخاصين للأمين العام بما يشكلونه من عنصر إنذار مبكر تجاه أي تعقيدات أو مشاكل، وعليه فإن الأمم المتحدة عبر أجهزتها ومؤسساتها تراقب التطورات في جميع أنحاء العالم بعناية، وذلك للكشف عن أي تهديدات قد تواجه السلم والأمن الدوليين، وبالتالي تمكين مجلس الأمن والأمين العام من القيام بتنفيذ الإجراءات الاستباقية ومنع تصعيد التوتر في بعض البؤر المحتقنة، وتتضمن تسريح القوات المقاتلة وتوحيد القيادات العسكرية، فضلا عن جمع وتدمير أسلحتهم خارج منظومة الدولة في إطار اتفاق السلام الشامل.

وعلى مر السنين، تطورت أهداف حفظ السلام للأمم المتحدة لتلبية مطالب الصراعات المختلفة وتغيرات المشهد السياسي. وقد ولدت فكرة حفظ السلام في وقت تنافس الخصوم خلال الحرب الباردة والتي ساهمت كثيرا في شل مجلس الأمن، وفي مرحلة التسعينيات، توسعت عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، ونجحت في إنهاء بعض الحروب الأهلية من خلال التسوية السلمية عن طريق التفاوض، مثلما شهدته غواتيمالا وناميبيا وكمبوديا وموزامبيق وطاجيكستان وبوروندي وجنوب السودان، رغم بعض التعقيدات واستمرار بعض النزاعات في دول أخرى مثل الكونغو الديمقراطية وأفريقيا الوسطى وكوسوفو وليبيا ومالي.

وفي الألفية الجديدة، نشرت قوات حفظ السلام في ليبيريا وكوت ديفوار، في الوقت الذي لعب بناء السلام دورا بارزا في عمليات الأمم المتحدة في البوسنة والهرسك وكمبوديا والسلفادور وغواتيمالا وكوسوفو وليبيريا وموزمبيق، وكذلك في أفغانستان وبوروندي والعراق في السنوات الأخيرة.

ووسط هذا المناخ، سعت دولة قطر إلى المساهمة بالجهود الإقليمية والدولية لحل الخلافات، انطلاقا من الإرادة السياسية لقيادتها واعتمادا على المقومات التي تمتلكها عبر المشاركة في مختلف مفاوضات السلام ومبادرات حل النزاعات، مثل إبرام هدنة في اليمن 2008 - 2010 ، واستضافة الحوار الوطني اللبناني، ورعاية مفاوضات دارفور وتوقيع وثيقة الدوحة للسلام في الإقليم السوداني، واستضافة المحادثات بين الولايات المتحدة الأمريكية وطالبان الأفغانية والتي اختتمت بتوقيع الطرفين على اتفاق السلام، ورعاية المفاوضات بين الأطراف التشادية التي توجت بتوقيع اتفاقية الدوحة للسلام ومشاركة الحركات السياسية العسكرية في الحوار الوطني الشامل السيادي في تشاد، ومساعدة الصومال وكينيا على استئناف علاقاتهما الدبلوماسية.

وتعتز دولة قطر بانتمائها الخليجي والعربي، فهي عضو فاعل في مجلس التعاون لدول الخليج العربية وجامعة الدول العربية والترتيبات الإقليمية وتلك القائمة لحماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية والتنمية للجميع، بجانب الجهود المعنية بترسيخ العلاقات الاقتصادية أو السياسية أو الثقافية كمجموعة الـ77 والصين، وحركة بلدان عدم الانحياز، ومنظمة التعاون الإسلامي.

ويتجلى اهتمام دولة قطر بدعم التعاون الثنائي ومتعدد الأطراف والعمل مع الدول والمنظمات الإقليمية والدولية، من خلال تمتعها بعضوية أكثر من 328 منظمة وهيئة عربية وإقليمية ودولية، بشكل يتسق مع رؤية قطر الوطنية 2030 التي تؤكد على حرص الدولة على المشاركة بفاعلية في مجال التعاون الدولي، والمساهمة في صنع السلم والأمن الدوليين عن طريق تبني ودعم المبادرات السياسية، وتقديم المساعدات التنموية والإنسانية.

وتنظم دولة قطر في هذا الإطار سنويا "منتدى الدوحة"، و"مؤتمر حوار الأديان"، كما تستضيف بشكل مستمر مؤتمرات دولية متخصصة لمناقشة القضايا والتحديات الراهنة بغرض معالجتها وإيجاد الحلول المناسبة له، كما أنها افتتحت "بيت الأمم المتحدة" بالدوحة مؤخرا، بما يمثله من خطوة مهمة تعزز الشراكة القائمة بين دولة قطر ومنظمة الأمم المتحدة ومكاتبها وصناديقها ووكالاتها المتخصصة.

وعلى هذا الأساس، تتبنى دولة قطر مبادرة (هوب فور) الهادفة لتعزيز فعالية وتنسيق استخدام أصول الدفاع العسكري والمدني لمواجهة الكوارث الطبيعية، عبر إنشاء مركز دولي بالدوحة معني بإقليم الشرق الأوسط وجنوب غرب آسيا في سبيل تنسيق الجهود والاستخدام الأمثل للأصول العسكرية والمدنية في مجال الإغاثة، ومن هنا برزت الجهود القطرية التضامنية في تخفيف حدة كارثة الزلزال في تركيا وسوريا من خلال التنسيق مع مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، وكذا اللجنة الدولية للصليب الأحمر، كما أنها لم تدخر جهدا في تأمين رحلات جوية لنقل الأفغان واللاجئين من أفغانستان إلى بلدان آمنة حول العالم، بالتنسيق مع منظمات دولية وحكومات، مع تأكيد التزامها بالعمل مع المجتمع الدولي لتقديم الدعم الإنساني والمساعدات اللازمة للاجئين.

 


الكلمات المفتاحية

عام, ابحاث ودراسات

النشرة الإخبارية
X
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. تعرف على المزيد حول كيفية استخدامها ، أو قم بتحرير خيارات ملفات تعريف الارتباط الخاصة بك
موافق